في الأسبوع الثاني من شهر مايو اللي نحن فيه الآن حصلت مجزرة في سوق العملات الرقمية تسببت في خسارة المتداولين لأكثر من 200 مليار دولار من ثرواتهم في يوم واحد فقط , في ناس نامت الليل مليونيرات واستيقظت الصبح وجد نفسه مفلس أو مديون عملة سعرها نزلت أكثر من 100 دولار لـ ولا شيء حرفيا بقيت ببلاش في لخبطة كثير وأحداث متسارعة حصلت في سوق العملات الرقمية الأيام الأخيرة ,وهذا ترك الكل يسأل سؤال بسيط جدا , ماذا يحصل ولماذا يحصل ؟
والسؤال هذا بالمناسبة يسأله ايضا المتداولين في العملات الرقمية نفسهم اللي كثير منهم لحد الآن لم يصدق اللي حصل وما عارف كيف يتصرف خصوصا لما نتحدث على العملة الأشهر الآن وهي اللونا والتي خسرت تقريبا كل قيمتها في خلال أيام وأختها العملة المستقرة اللي لم تبقى مستقرة الـ Terra USD.
وكالعادة في الصدمات اللي مثل هذا في ناس زعلانة على حالها وغرقانه في حزنها على خسائرها وناس ثانية شافت الإنهيار هذا فرصة للدخول, على سبيل المثال في ناس كثير بتفكر إنها تشتري العملة المنكوبة اللي إسمها لونا اللي بقيت ببلاش حرفيا وأنا أكاد أجزم إن 99% من اللي يريد أن يشتري العملة هذه ما عندهم فكرة هي لما الآن من الأساس ,الكل ملاحظ أن العملة هذه عددها بيزيد كل يوم بس لا أحد يعلم عددها بيزيد كيف ولماذا؟
ما الذي يحصل بالضبط في سوق العملات الرقمية ؟ وايش قصة لونا وأختها تيرا اللي قالبين السوق ؟ هل هذه العملات سعرها بيطلع ثاني؟ وهل هذا الوقت المناسب للشراء ؟ هذه عينه من الاسئلة اللي راح ندردش فيها مع بعض.
في آخر سنتين وتحديدا بداية من النص الثاني لسنة 2020 , ناس كثيرة بدأت تحط فلوسها في سوق العملات الرقمية كوسيلة لأنها تنمي راس مالها في ظل تراجع النشاط الإقتصادي بشكل عام خلال الفترة هذي ظروف وعوامل كثيرة ساقت وللآن بتسوق الناس في هذا الاتجاه , يعني التضخم من ناحية بيزيد والفلوس قيمتها بتنقص والنشاط الإقتصادي الطبيعي بيتراجع , والأدوات الإستثمارية التقليدية أداؤها بعافية كل هذا وضع الناس تفكر كثير أنها تجرب حظها في العملات الرقمية اللي بتسمع من الاعلام ووسائل التواصل الإجتماعي إنها ممكن تحقق لصاحبها ثروة , بحسب بيانات شركة Triple,
ففيها أكثر من 300 مليون شخص في العالم حاطين فلوسهم في العملات الرقمية والكلام هذا اعتبارا من 2021 الـ 300 مليون شخص دول جزء معتبر منهم من الدول العربية ,يعني لما نأتي وننظر على خريطة المتداولين في العملات الرقمية عندنا بالدول العربية سوف نرى أن المصر في الصدارة بـ 1.791 مليون متداول ,بعدها المغرب بـ 878 ألف متداول ,بعدهم السعودية بـ 452 ألف متداول ,بعدهم العراق بـ 375 ألف متداول ,بعدهم اليمن بـ 278 ألف متداول ,بعدهم سوريا بـ 178 ألف متداول ,ثم الإمارات بـ 152 ألف متداول ,ثم أهل الأردن بـ 129 ألف متداول ,ثم تونس بـ 123 ألف متداول , وأخيرا السودان بـ 102 ألف متداول فيي العملات الرقمية.
الشيء المشترك بين الناس هذي كلها هو رغبتها في تحقيق ربح كبير وسريع والهدف هذا فيه ناس بتنجح فعلا في تحقيقه وفي ناس أكثر بتفشل وبتخسر كل اللي وراها واللي قدامها بما فيه ذلك صحتها ,وهنا في سؤال مهم جدا لازم نسأله, اللي بيكسب في هذا السوق كيف يكسب؟ واللي بيخسر فيه لماذا يخسر ؟ من الجماعة اللي حققوا نتائجة ممتازة في العملات الرقمية ممكن يقول لك أنا كسبت علشان اعرف أختار العملات صح عملات لها مشروع ومستقبل وكلام من هذا القبيل ,في حين إن اللي بيخسر خسر علشان أختار عملات فاشلة أو ضعيفة ,الكلام هذا للوهله الأولى يبان منطقي لكنه في الحقيقة يبقى كلام فارغ لما تحاول تقارنه مع اللي يحصل على أرض الواقع في سوق العملات الرقمية والدليل هو أن ممكن ترى شخصين وضعوا فلوسهم في نفس العملة ولتكن مثلا البتكوين بس واحد فيهم خسران والثاني كسبان, كيف يحصل ذلك؟
بالاختصار الربح والخسارة في سوق العملات الرقمية يعتمد بشكل كبير على التوقيت القصد من ذلك توقيت الدخول والخروج ودعني أضرب لك مثال ,لنفترض أن الآن أنا أشتريت البتكوين بـ 30 ألف دولار للحبة بتعبير أخوننا بالسعودية المهم استيقظت الصبح ثاني يوم لقيت البتكوين بـ 40 ألف دولار فقررت أخرج منها وبعتها بالسعر 40 ألف دولار وكسبت وواحد ثاني اشتراها في نفس اللحظة بـ 40 ألف دولار ومتوقع سعرها سوف تزداد خلال الأيام الجاية لكن هذا لم يحصل والسعر أنخفض وحبة البنكوين بقت بـ 25 ألف دولار ,في اللحظة هذي خاف الشخص نفسه من أن ينخفض سعرها مرة آخرى فباعها بخسارة هنا نحن الإثنين وضعنا فلوسنا بنفس العملة لكن أنا كسبت وهو خسر ,لأني كنت محظوظ أكثر منه في توقيت الدخول والخروج , وأنا هنا بالمناسبة اقصد إستخدام كلمة الحظ لأن سوق العملات الرقمية بالذات قائم في جزء كبير من الحظ هذا يا جماعة سوق مضاربة بحته ما له أساسيات حقيقة نقدر نحللها ونستشرف منها في المستقبل مثل سوق الأسم مثلا ,وهذا هو السر التقلبات الشديده اللي بتسهم بها حركة الأسعار في السوق العملات الرقمية.
في 1 مايو البتكوين كانت 38,471 دولار على نص الشهر وتحديدا في 15 مايو كانت 29,980 دولار يعني خسرت 22% تقريبا من قيمتها خلال أسبوعين فقط , في ناس تشوف أن هذا خلاص نهاية البتكوين وناس ثانية بتشوف أن هذي مجرد كبوة وسعرها بيرتفع ثاني ,بس لا أحد يقدر يؤكد أي إحتمال من الإثنين ووارد البتكوين سعرها يعدي الـ 50,000 دولار في خلال ساعة واحد من الآن ,ووارد ايضا أنه ينزل 20,000 دولار ,هذه هي طبيعة السوق, في سوق العملات الرقمية بشكل عام صعود وهبوط سعر أي عملة بنسبة أكثر من 20% في لمح البصر أسهل من شرب الماء , التقلبات الشديدة هذا في الأسعار طول عمرها كانت حاجز واقف في طريق توسع سوق العملات الرقمية وانتشارها بين عدد كبير من الناس ومن هنا ظهرت في السوق وسيلة تبادل اسمها "عملات مستقرة" وهذي بالاختصار عملات مشفرة لها قيمة ثابته ومربوطة بأصول احتياطية بتدعم قيمتها مثل الدولار الأمريكي ,العملات هذي تقدر تعتبرها جسر بين العملات المشفرة العادية مثل البتكوين وبين العملات التقليدية مثل الدولار ثبات القيمة هذي واللي غالبا بتكون 1 دولار أمريكي بتكون وسيلة للبيع والشراء في سوق العملات الرقمية , أنا أمتلك مثلا 10,000 دولار وضعتهم في الدوج كوين وخائف على قيمتها لو السعر نزل في أي لحظه فـ سوف اذهب لبيعهم مقابل أي عملة من العملات المستقرة في السوق وبكذا أضمن إن 10 آلاف دولار ما راح يقل لأنه العملة هذي قيمتها ثابته عند 1 دولار ,وفي نفس الوقت أنا احتفظت بمبلغي داخل السيستم لـ العملات الرقمية بدون ما أتعامل مع البنوك التقليدية , العملات المستقرة في منها نوعين أساسيين ,الأول هو "العملات المستقرة المضمونة" وهذي عملات مضمونه بأصول واحتياطات بتتعادل أو تتجاوز قيمتها مثل عملة تيثر اللي بتعادل 1 دولار والمدعومة بإحتياطات من الدولار الأمريكي يعني فرضا إن فيه 80 مليار نسخة من التيثر يتم تداولها في سوق العملات الرقمية ,فـ يجب أن يكون فيه احتياطات بقيمة 80 مليار دولار أمريكي تحت أيدي الشركة المتصدرة للعملة هذي لكي تقدر تحافظ على ثبات سعر الـ 1 تيثر عند 1 دولار ,الثبات يأتي من حقيقة أن العملة متغطية بإحتياطات من أصول حقيقية تعادل قيمتها سواء في صورة ودائع في حسابات بنكية أو سندات خزانة أو غيرها ,نفس فكرة ربط الدولار بالذهب هذا النوع الأول وفي نوع ثاني من العملات الرقمية ما متغطية أو مضمونه بحاجة والنوع هذا اسمه "العملات المستقرة الحسابية" وهذي العملات من المفترض على حسب كلام المطورين لها إنها شغالة بخوارزمية أو آلية حسابية يتضمن إن سعرها يكون ثابت عند 1 دولار من غير ما يكون فيه ضمانات لها, لما يحصل هذا ؟ نعم بالدهلكة شغل 3 ورقات مالها أي منطق اقتصادي أبد راح أشرح لك كيف ,دعني أضرب لك مثال بأشهر عملة من النوع هذا وهي عملة TerraUSD
اللي بتعتبر أحد الأسباب الرئيسية في الوكسة اللي يعاني منها سوق العملات الرقمية الآن هي وأختها لونا ,القصة بدأت في سبتمبر 2020 لما برمج من كوريا الجنوبية اسمه DO Kwon أسس من خلال شركته Terraform Labs عملة مشفرة مستقرة TerraUSD وهذا بعد أكثر عن سنة ونص من إطلاقه لعملة مشفرة عادية إسمها لونا في فبراير 2019 من المفترض أن TerraUSA
عملة مستقرة سعرها ثابت عند 1 دولار أمريكي ,واللونا عملة رقمية عادية سعرها بيطلع وبينزل حسب العرض والطلب مثل أي عملة رقمية في السوق سواء كان بتكوين أو دوج كوين أو غيره المهم السؤال هو للكابتن Kwon
يضمن من أين يا فخر كوريا ثبات سعر TerraUSAعند 1 دولار من غير ما يكون فيه أي أصول بتضمنها أو بتدعم قيمتها ,يعني لو الناس قامت الصبح من النوم قررت تبيع التيرا من أي سوف يأتي لهم فلوس ؟
Kwon في الحقيقة كان عنده جواب عبقري قال نحن سوف نضمن ثبات TerraUSA
من خلال خوارزمية قائمة على فكرة المراجحة ,سوف نربط فيها الـ Trra
بأختها لونا ,كم سنة جاء لكي نفهم الخوارزمية كيف بتشتغل لأنه الغاز كثيرة بيحصل في السوق الآن , فكرة الخوارزمية هذي ببساطة قائمة على التحويل غير المحدود بين التيرا يو اس دي اللي سعرها بيعادل 1 دولار واللونا اللي سعرها يتغير حسب العرض والطلب ,يعني لو أفترضنا إن عملة اللونا سعرها الآن 20 سنت, فأنت كحامل بها تقدر تبيعه الـ 5 منها مقابل 1 TerraUsD والعكس صحيح , لو أنت معاك 1 تيرا فأنت تقدر تشتري 5 لونا ,لأنه ثبات سعر تيرا عند 1 دولار ,طيب لو التيرا تغير عن 1 دولار وبقيت بـ 95 سنت مثلا ! كيف سوف ترجع لقيمتها التي من المفترض أن تكون ثابته عند 1 دولار ,هنا راح تكون فكرة المراجحة,أنا كمتداول أول ما ألاحظ أن TerraUSD يتم تداولها بسعر أقل من الدولار راح أشتريها بسعرها الأقل وأخذها وأشتري بها لونا تحديدا ,لأن بالنسبة للونا التيرا بتعادل 1 دولار أمريكي حتى لو كان سعر التيرا فعليا 10 سنت وبالتالي أنا لو معي ألف TerraUSD واللونا سعرها في السوق 2 دولار أمريكي أستطيع شرائها بالألف تيرا 500 لونا وهكذا أنا كسبت مكسب فوري لأن ألف تيرا اللي أنا اشتريت الواحد فيهم بـ 95 سنت مثلا أنا دفعت فيهم 950 دولار فقط وأشتريت بهم 500 لونا اللي هم قيمتهم ألف دولار هكذا فيها مكسب 50 دولار ,طيب ما هي علاقة بإستقرار تيرا وكيف تضمن إن سعر التيرا يرجع لـ 1 دولار أمريكي ؟ بالاختصار الـ 1000 تيرا يو اس دي اللي اشتريت منها لونا بيحترق أول ما يتم عملية الشراء يعني ما موجوده وخرجوا خارج دائرة التداول , في لونا جديدة بتظهر في السوق وتيرا قديمة بتختفي وهذا معناه إن عدد المتاح من التيرا في السوق قل هذا الحركة لما الكل يعمل بها تيرا عددها يقل أكثر وبالتالي سعرها يرتفع لحد ما يرجع مره آخرى لـ 1 دولار أمريكي ,لكن في نفس الوقت عدد اللونا بيزيد في التداول وسعرها يقل ,سعر لونا لما يقل ,الناس اللي أخذت يو اس دي سوف يقل لأن التيرا مضمونه مثل اللونا وبالتالي اللي معه تيرا راح يخرج منها ويذهب لشراء لونا جديدة بيتم إنشاؤها لأول مرة فعدد اللونا المتداول في السوق يزيد أكثر فسعرها يقل فـ الناس اللي معها تيرا سوف تقلق من انخفاض سعر اللونا فتبيع بها تيرا وتخرج فعدد لون يزيد وسعرها يقل ويفضل كذا في لوب أو دوامة يسموها "دوامة الموت" وهذا بالضبط اللي حصل مع اللونا والتيرا قبل أيام مثل الشركة المطورة للعملة عملت منصة إقراض لا مركزية إسمها Anchor protocol
لكي تزيد الطلب على يو اس دي , فكرة المنصة إنها بتقدم معدلات فائدة بتصل لـ 19.5% للمستثمرين اللي يشتروا من يو اس دي ويحتفظوا بها هناك , في 6 مايو الفائت الـ Anchor protocol لتيرا كان فيه ودائع بتعادل 14 مليار دولار ,فجأة بدأ سحب كميات كبيرة من هذا الودائع وهذا تزامن مع رفع الفدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة في خلال 3 أيام فقط وتحديدا بحلول 9 مايو حجم الودائع في الـ Anchor protocol تراجع بأكثر من 5 مليار دولار ووصل لـ 8.7 مليار دولار ,ولكن هذا التراجع عمل صدمة في السوق وبدأت موجة كبيرة انسحاب كبير من التيرا وهذا ضغط بشكل أكبر على اللونا اللي متاح منها زاد في السوق وسعرها إنهار لكي ينهار الربط بين العملتين بشكل عملي سعر يو اس دي تراجع من 1 دولار في بداية الشهر لـ17 سنت تقريبا ,أي أحد كان أخذ أمواله في العمله هذه على أساس إنها عملة مستقرة قيمتها ثابته عند 1 دولار ضاعت وانهدرت , اللونا على الناحية الثانية وبسبب عمليات التخارج الكبيرة من يو اس دي عدد المتاح منها في دائرة التداول زاد فجأة ووصل لـ 7 تريليون نسخة تقريبا بعد ما كان سعرها في ابريل الماضي يتجاوز 116 دولار الآن قيمتها ظلت بتعادل 0.0002 دولار يعني صفر, كل هذا حصل بسبب أن العملتين سواء الـ يو اس دي أو اللونا ما فيها اصول حقيقة بتدعمهم ,هما الاثنين ظهروا من الهواء ونظريا من يو اس دي لكي تطلع لازم تطلع على جثة اللونا ,لأن كذا الجماعه يسألوا عقولهم يدخلوا في اللونا بسبب إنهيار بسعرها هما فكروا 6 مرات قبل ما يضعون فلوسهم فيها ولماذا 6 مرات بالتحديد, المهم الهبدة اللي اتهبدتها التيرا وأختها لونا هزت السوق وضغطت على عملات مستقرة مره ثانية مثل التيثر اللي تراجعت لـ 95سنت قبل ما ترتد لـ 1 دولار مرة ثانية ,عملة البتكوين كانت أحد ضحايا هذه الأزمة ,في الشهر الأخير البتكوين خسرت 26% من قيمتها تقريبا ووصلت لما يقرب من 30 ألف دولار في لحظة تصوير الحلقة لكن أزمة تيرا ولونا لم تكن هي السبب الوحيد في تراجع سهر البتكوين في أسباب ثانية لها علاقة بأحوال الاقتصاد الأمريكي وسياسات الفدرالي.